ومعنى كلام شَيْخ الإِسْلام
ابن حجر و
ابْن تَيْمِيَّةَ، أن هذا الحديث قيل في موضع واحد، والجواب كَانَ في وقت واحد، لأن القصة واحدة، فلا بد إذاً أن أحد الروايات الثلاث -"قبل" أو "مع" أو "غير"- هي التي قالها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن الروايتين الأخريين رويتا بالمعنى، والذي رجحاه كلاهما من حيث الرواية هي رواية:
{كَانَ الله ولم يكن شيء قبله}، وهي رواية الإمام
أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ، وإحدى روايتي
البُخَارِيّ، كما في كتاب بدء الخلق من
صحيحه.
وتُرجَّح رواية {قبل} بدلالات، منها: قوله تعالى: ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ))[الحديد:3] وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث قيام الليل: {اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء}.
ومنها: أنها وردت من طرق صحيحة، بل يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ: إنها رواية الأكثرين والأحفظ، ومنهم الحميدي وهو من أشهر حفاظ مشايخ الإمام البُخَارِيّ.
ومنها: أنها متفقة مع القرآن، ومتفقة مع الأحاديث الأخرى الصحيحة التي لا شك ولا غرابة فيها .
أما الحافظ
ابن حجر رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه يميل إِلَى أن رواية:
{غيره} أولى من حيث المعنى، لأنه أصرح في نفي العدم، بمعنى كَانَ الله ولم يكن شيء غيره، ونفي الغير له أقوى في نفي العدم، ولكن ليس المقصود نفي العدم، فإن هذا هو عين القول الأول الذي سبق بعض ما فيه، وسنبين أنه خطأ فيما يأتي أيضاً.